النهوض بوجه عبدة الأصنام وتحطيم الأصنام ، والوقوف ببطولة في تلك المحاكمة التاريخية ، ثم إلقاؤه في وسط النيران. وثباته ورباطة جأشه في كل هذه المراحل.
الهجرة من أرض عبدة الأصنام والابتعاد عن الوطن ، والاتجاه نحو أصقاع نائية لأداء رسالته ... وأمثالها (١).
كان كل واحد من هذه الاختبارات ثقيلا وصعبا حقّا ، لكنه بقوة إيمانه نجح فيها جميعا ، وأثبت لياقته لمقام «الإمامة».
* * *
٢ ـ من هو الإمام؟
يتبين من الآية الكريمة التي نحن بصددها ، أن منزلة الإمامة الممنوحة لإبراهيم عليهالسلام بعد كل هذه الاختبارات ، تفوق منزلة النّبوة والرسالة.
ولتوضيح ذلك نقول : إن للإمامة معاني مختلفة :
١ ـ الإمامة بمعنى الرئاسة والزعامة في أمور الدنيا ، (قال بذلك فريق من علماء أهل السنة).
٢ ـ الإمامة بمعنى الرئاسة في أمور الدين والدنيا ، (قال بذلك فريق آخر من علماء أهل السنة).
٣ ـ الإمامة بمعنى تحقيق المناهج الدينية بما في ذلك منهج الحكم بالمعنى الواسع للحكومة ، وإجراء الحدود وأحكام الله ، وتطبيق العدالة الاجتماعية ، وتربية الأفراد في محتواهم الداخلي وفي سلوكهم الخارجي. وهذه المنزلة أسمى من منزلة النّبوة والرسالة ، لأن منزلة النّبوة والرسالة تقتصر على إبلاغ أوامر الله ، والبشارة والإنذار ، أمّا الإمامة فتشمل مسئوليات النّبوة والرسالة إضافة إلى
__________________
(١) روي عن ابن عباس أنه استخرج اختبارات إبراهيم من أربع سور قرآنية فكانت ثلاثين موضعا (تفسير المنار ، تفسير الآية المذكورة) ، وخلاصتها ما ذكرناه.