جدير بالذكر أن صاحب «المنار» نقل عن أبي حنيفة قوله : أن الخلافة لا تليق إلّا بالعلويين ، ومن هنا أجاز الخروج على حكومة العباسيين ، ومن هنا أيضا رفض منصب القضاء في حكومة خلفاء بني العباس.
ويقول صاحب المنار أيضا : إن أئمة المذاهب الأربعة كانوا معارضين لحكام زمانهم ، وكانوا يعتبرون أولئك الحكام غير لائقين لزعامة المسملين ، لأنهم ظالمون (١).
ومن العجيب أن كثيرا من علماء أهل السنة في عصرنا هذا ، يؤيدون ويدعمون الحكومات الظالمة المتجبّرة المرتبطة ارتباطا واضحا جليّا بجبهة الكفر العالمية ، والمفسدة في الأرض إفسادا لا يخفى على أحد ، بل أكثر من ذلك يعتبرون هؤلاء الحكام «أولي الأمر» ويركزون على وجوب طاعتهم!!
* * *
٧ ـ جواب عن سؤالين
١ ـ قلنا في تفسير معنى الإمامة أن عمل الإمامة هو «الإيصال إلى المطلوب» و «تنفيذ المناهج الإلهية» ، وهنا قد يقول قائل : إن هذا المعنى لم يتحقق في كثير من الأنبياء ، بل لم يتحقق حتى بالنسبة للنبي الخاتم صلىاللهعليهوآلهوسلم والأئمة الأطهار في المقياس العام ، فقد كان يقف في مقابلهم دوما أفراد ضالون مضلون.
جوابا على ذلك نقول : تعريفنا لعمل الإمام لا يعني أن الإمام يجرّ الامّة قسرا نحو الحق ، بل إن الأفراد يستطيعون ـ وهم مختارون ـ أن يهتدوا بما يمتلكه الإمام من قوّة ظاهرية وباطنية ، على شرط امتلاك هؤلاء الأفراد للّياقة والاستعداد.
وهذا كقولنا الشمس خلقت لاستمرار حياة الموجودات الحيّة ، أو أن المطر يعمل على إحياء الأرض الميتة ، تأثير الشمس والمطر له طابع عام ، لكنه لا يصدق
__________________
(١) المنار ، ج ١ ، ص ٤٥٧ ـ ٤٥٨.