دماء. وليس أفراد البشر آمنين هناك فحسب ، بل الحيوانات والطيور آمنة أيضا في هذه البقعة ، ولا يحق لأحد أن يمسها بسوء.
وفي عالم يعجّ دوما بالنزاع والصراع ، يستطيع مثل هذا المركز الآمن أن يكون له الأثر العميق في حل المشاكل وفضّ النزاعات ، إذ يستطيع الفرقاء المتنازعون أن يجلسوا حول طاولة واحدة عند هذا البيت الآمن ، ويفتحوا بينهم حورا قد يكون مقدمة لإزالة الخصومات والنزاعات.
وقد يتفق أن ترغب الأطراف المتنازعة في إجراء مباحثات ، لكنهم لا يتفقون على مكان مقبول ومحترم وآمن لدى جميع الأطراف ، والإسلام أقرّ مكة لتكون مركزا كهذا.
واليوم ، إذ المسلمون ـ مع الأسف الشديد ـ يعانون من ألوان النزاعات والاختلافات حريّ بهم أن يستفيدوا من قداسة هذا البيت وأمنه لفتح باب المحادثات بينهم ، ولرفع ما بينهم من اختلافات بفضل معنوية هذا المكان المقدس. (١)
٢ ـ بيت الله
وصفت الكعبة بأنها بيت الله ، وعبرت الآية عن الكعبة ب «بيتي». وواضح أن الله ليس بجسم ، ولا يحده بيت ، ولا يحتاج إلى ذلك ، وهذه الإضافة هي «إضافة تشريفية» تبيّن قدسية الشيء الذي ينسب إلى الله ، ولذلك كان شهر رمضان «شهر الله» وكانت الكعبة «بيت الله».
* * *
__________________
(١) بشأن أمن أرض مكة لنا بحث آخر في تفسير الآية ٣٥ من سورة إبراهيم. (راجع المجلد السابع من هذا التّفسير).