التّفسير
نحن على حقّ لا غيرنا!
التمحور والانغماس في الذاتية يؤدي إلى أن يحتكر الإنسان الحقّ لنفسه ، ويعتبر الآخرين على باطل ، ويسعى إلى أن يجرهم الى معتقداته الآية الاولى تتحدث عن مجموعة من أهل الكتاب يحملون مثل هذه النظرة الضيقة ، ونقلت عنهم القول : (وَقالُوا كُونُوا هُوداً أَوْ نَصارى تَهْتَدُوا).
فيردّ عليهم القرآن مؤكدا أن الأديان المحرّفة لا تستطيع إطلاقا أن تهدي الإنسان (قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ).
التدين الخالص هو اتباع الخط التوحيدي الخالص غير المشوب بالشرك.ورعاية هذا الأساس أهم معيار للتمييز بين الأديان الصحيحة والأديان المنحرفة.
يعلمنا الإسلام أن لا نفرق بين الرسل ، وأن نحترم رسالاتهم ، لأن المبادئ الأساسية للأديان الحقّة واحدة ، موسى وعيسى كانا أيضا من أتباع ملة إبراهيم ...أي من أتباع الدين التوحيدي الخالص من الشرك ، وإن حرّف المغرضون من أتباعهما ما جاءا به ، وجعلوه مشوبا بالشرك. و (كلامنا هذا لا يتنافى طبعا مع إيماننا بأن البشرية يجب أن تتبع آخر الأديان السماوية أي الإسلام).
الآية التالية تأمر المسلمين أن (قُولُوا آمَنَّا بِاللهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا وَما أُنْزِلَ إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ وَما أُوتِيَ مُوسى وَعِيسى وَما أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ ، لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ).
لا يجوز أن ننطلق من محور الذاتية في الحكم على هذا النّبي أو ذاك ، بل يجب أن ننظر إلى الأنبياء بمنظار رسالي ، ونعتبرهم جميعا رسل ربّ العالمين ومعلّمي البشرية ، قد أدّى كل منهم دوره في مرحلة تاريخية معينة ، وكان هدفهم واحدا ، وهو هداية النّاس في ظل التوحيد الخالص والحق والعدالة.
ثم يضيف القرآن قائلا : (فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ ما آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما