اليمين واليسار.
ومن جانب آخر تحمل العبارة دليلها وتقول : «إنّما كنتم شهداء على النّاس لأنّكم معتدلون وأنكم أمة وسط» (١).
٣ ـ الامّة الشاهدة
لو اجتمعت الصفات التي ذكرناها للأمّة الوسط في أمّة ، فهذه الامّة دون شك رائدة للحق ، وشاهدة على الحقيقة ، لأن مناهجها تشكل الميزان والمعيار لتمييز الحق عن الباطل.
ورد عن أئمة أهل البيت عليهمالسلام قولهم : «نحن الامّة الوسطى ، ونحن شهداء الله على خلقه وحججه في أرضه ... نحن الشّهداء على النّاس ... إلينا يرجع الغالي وبنا يرجع المقصّر»(٢) مثل هذه الروايات ـ كما ذكرنا ـ لا تحدد المفهوم الواسع للآية ، بل تبين المصداق الأمثل للأمّة الوسط ، وتعطي نموذجا متكاملا لها.
٤ ـ علم الله
عبارة (لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ) ... وأمثالها من التعبيرات القرآنية ، لا تعني أن الله لم يكن يعلم شيئا ، ثم علم به بعد ذلك ، بل تعني تحقّق هذه الواقعيات.
بعبارة أوضح ، الله سبحانه يعلم منذ الأزل بكل الحوادث والموجودات ، وإن ظهرت بالتدريج على مسرح الوجود. فحدوث الموجودات والأحداث لا يزيد الله علما ، بل إن هذا الحدوث تحقّق لما كان في علم الله. وهذا يشبه علم المهندس بكل تفاصيل البناء عند وضعه التصميم. ثم يتحول التصميم إلى بناء عملي. والمهندس يقول حين ينفّذ تصميمه على الأرض : أريد أن أرى عمليا ما كان في
__________________
(١) المنار ، تفسير الآية المذكورة.
(٢) نور الثقلين ، ج ١ ، ص ١٣٤.