٤ ـ خطاب عام
كل خطابات القرآن هي دون شك ـ شاملة لكل المسلمين ـ وإن اتجهت إلى النّبيصلىاللهعليهوآلهوسلم (اللهم إلّا في مواضع دل الدليل على أنّها خاصّة بالنّبي) ، من هنا يطرح سؤال بشأن سبب اتّجاه الآية الّتي نحن بصددها في الخطاب إلى النّبي تارة تأمره أن يصلي شطر المسجد الحرام ، وتارة اخرى إلى عامة المسلمين.
هذا التكرار قد يعود إلى أنّ تغيير القبلة مسألة مثيرة حساسة ، ومن الممكن أن تؤدي الضجة التي تثيرها هذه المسألة إلى اضطراب بين المسلمين ، وقد يتذرع بعض في وسط هذه الضجة بأن الخطاب «فولّ وجهك» موجّه إلى النّبي خاصة ، فلا يصلي تجاه الكعبة. لذلك خاطبت الآية الرّسول مرة وعامة المسلمين مرّة اخرى لتؤكد أن هذا التغيير غير خاص بالرّسول ، بل يشمل عامّة المسلمين أيضا.
٥ ـ هل الهدف من هذا التغيير تحقيق رضى النّبي؟
عبارة «قبلة ترضاها» قد توهم أن هذا التغيير تم إرضاء للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ويزول هذا التوهم لو علمنا أن بيت المقدس كان قبلة مؤقتة ، وأن النّبي كان ينتظر القبلة النهائية،وبصدور أمر التغيير وضع حد لطعن اليهود من جهة ، وتوفرت أرضية استمالة أهل الحجاز المرتبطين ارتباطا خاصا بالكعبة نحو الإسلام من جهة اخرى ، كما أن إعلان بيت المقدس كقبلة اولى أزال عن الإسلام الطابع القومي ، وأسقط اعتبار الأصنام المتواجدة في الكعبة.
٦ ـ الكعبة مركز دائرة كبرى
لو نظر شخص من خارج الكرة الأرضية إلى المصلين المسلمين لرأى دوائر
__________________
مفهوم «وسط المسجد الحرام» ونعلم أن الكعبة تقع وسط المسجد الحرام. (التّفسير الكبير ، الفخر الرازي ، الآية المذكورة).