البشرية نحو الإله الواحد الأحد ، وانطلاقا من هذه الأهمية القصوى للقضاء على الآلهة المتعددة جاء التأكيد القرآني بعد آية البسملة بقوله : (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ).
وبهذا يرسم القرآن الكريم خط البطلان على جميع الآلهة المزيفة وارباب النوع ويلقي بها في وادي العدم مكانها الاوّلي ، ويغرس محلّها أزهار التوحيد والاتحاد.
هذا التأكيد يتلوه الإنسان المسلم عشر مرات في صلواته اليومية ـ على الأقل ـ لتترسخ فكرة التوحيد ، وفكرة رفض ربوبية كل الأرباب والآلهة ، غير ربوبيّة الله ربّ العالمين.
كلمة (الربّ) ، وإن كانت تعني في الأصل المالك والصاحب ، تتضمّن معنى الصاحب المتعهّد بالتربية.
إمعان النظر في المسيرة التكاملية للموجودات الحيّة ، وفي التغييرات والتحولات التي تجري في عالم الجماد ، وفي الظروف التي تتوفّر لتربية الموجودات ، وفي تفاصيل هذه الحركات والعمليات ، هو أفضل طريق لمعرفة الله.والتنسيق اللاإرادي بين أعضاء جسدنا هو نموذج حيّ لذلك.
لو واجهنا في حياتنا ـ مثلا ـ حادثة هامّة تتطلب منّا أن ننهض أمامها بقوة وحزم ، فإنّ أوامر منسّقة تصدر خلال لحظة قصيرة إلى جميع أجزاء جسدنا بشكل لا إرادي. وبسرعة خاطفة يشتد ضربان قلبنا وتنفسنا ، وتتجهز كل قوانا ، وتتدفق المواد الغذائية والأوكسجين ـ المحمولة عن طريق الدم ـ إلى جميع الخلايا ، وتتأهب الأعصاب والعضلات للعمل والحركة السريعة ، وترتفع قدرة تحمّل الإنسان للمتاعب والآلام ، ويغادر النوم العيون ، ويزول التعب من الأعضاء ،