ثم تتغير لهجة الآية إلى نوع من التحذير والتهديد لأولئك المفترين ، والتشجيع للمحسنين فتقول : (أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً) في تلك المحكمة الكبرى حيث يتلقى كل جزاء عمله.
لا يتساوى المفترون والمشاغبون المخربون مع المحسنين المؤمنين ، ولا بدّ من يوم ينال كل فريق جزاءه.
وقد يخال بعض أن جمع النّاس لمثل هذا اليوم عجيب ، فكيف تجتمع ذرات التراب المتناثرة لترتدي ثانية حلّة الحياة؟! لذلك تجيب الآية بالقول : (إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).
هذه العبارة الأخيرة في الآية بمثابة الدليل على العبارة السابقة : (أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً).
* * *
بحثان
١ ـ يوم يجتمع أصحاب المهدي عليهالسلام
ورد عن أئمة أهل البيت عليهمالسلام في تفسير (أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً) أن المقصود بهم أصحاب المهدي عليهالسلام.
من ذلك ما ورد في «روضة الكافي» عن «الإمام الباقر» عليهالسلام أنه تلا الفقرة المذكورة من الآية ثم قال : «يعني أصحاب القائم الثلاثمائة والبضعة عشر رجلا ، وهم والله الأمّة المعدودة ، قال : يجتمعون والله في ساعة واحدة قزع (١) كقزع الخريف»(٢).
وروي عن الإمام علي بن موسى الرضا عليهالسلام أيضا : «وذلك والله أن لو قام قائمنا يجمع الله إليه جميع شيعتنا من جميع البلدان»(٣).
__________________
(١) أي يجتمعون كاجتماع قطع السحب الخريفية لدى هبوب الريح.
(٢) نور الثقلين ، ج ١ ، ص ١٣٩.
(٣) مجمع البيان ، الآية.