بحوث
١ ـ لماذا الاختبار الإلهي؟
في مجال الاختبار الإلهي تطرح بحوث كثيرة ، وأوّل ما يتبادر للذهن في هذا المجال هو سبب هذا الاختبار. فنحن نختبر الأفراد لنفهم ما نجهله عنهم. فهل أن الله سبحانه وتعالى بحاجة إلى مثل هذا الاختبار لعباده ، وهو العالم بكل الخفايا والأسرار؟! وهل هناك شيء خفي عنه حتى يظهر له بهذا الامتحان؟!
والجواب أن مفهوم الاختبار الإلهي يختلف عن الاختبار البشري.
اختباراتنا البشرية ـ هي كما ذكرت آنفا ـ تستهدف رفع الإبهام والجهل ، والاختبار الإلهي قصده «التربية».
في أكثر من عشرين موضعا تحدث القرآن عن الاختبار الإلهي ، باعتباره سنّة كونية لا تنقض من أجل تفجير الطاقات الكامنة ، ونقلها من القوّة إلى الفعل ، وبالتالي فالاختبار الإلهي من أجل تربية العباد ، فكما أن الفولاذ يتخلص من شوائبه عند صهره في الفرن ، كذلك الإنسان يخلص وينقى في خضمّ الحوادث ، ويصبح أكثر قدرة على مواجهة الصعاب والتحديات.
الاختبار الإلهي يشبه عمل زارع خبير ، ينثر البذور الصالحة في الأرض الصالحة ، كي تستفيد هذه البذور من مواهب الطبيعة وتبدأ بالنمو ، ثمّ تصارع هذه البذرة كل المشاكل والصعاب بالتدريج ، وتقاوم الحوادث المختلفة كالرّياح العاتية والبرد الشديد والحر اللافح ، لتخرج بعد ذلك نبتة مزهره أو شجرة مثمرة ، تستطيع أن تواصل حياتها أمام الصعاب.
ومن أجل تصعيد معنويات القوات المسلحة ، يؤخذ الجنود إلى مناورات وحرب اصطناعية ، يعانون فيها من مشاكل العطش والجوع والحر والبرد والظروف الصعبة والحواجز المنيعة.
وهذا هو سرّ الاختبارات الإلهية.