يقول سبحانه في موضع آخر من كتابه العزيز : (وَلِيَبْتَلِيَ اللهُ ما فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ ما فِي قُلُوبِكُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) (١).
ويقول أمير المؤمنين علي عليهالسلام في بيان سبب الاختبارات الإلهية : «... وإن كان سبحانه أعلم بهم من أنفسهم ، ولكن لتظهر الأفعال الّتي بها يستحقّ الثّواب والعقاب»(٢).
أي أن الصفات الكامنة لا يمكن أن تكون وحدها معيارا للثواب والعقاب ، فلا بدّ أن تظهر من خلال أعمال الإنسان ، والله يختبر عباده ليتجلّى ما يضمرونه في أعمالهم ، ولكي تنتقل قابليّاتهم من القوّة إلى الفعل ، وبذلك يستحقون الثواب أو العقاب.
لو لم يكن الاختبار الإلهي لما تفجرت هذه القابليات ، ولما أثمرت الكفاءات ، وهذه هي فلسفة الاختبار الإلهي في منطق الإسلام.
٢ ـ الاختبار الإلهي عام
نظام الحياة في الكون نظام تكامل وتربية ، وكل الموجودات الحيّة تطوي مسيرة تكاملها ، حتى الأشجار تعبّر عن قابلياتها الكامنة بالأثمار ، من هنا فإن كل البشر ، حتى الأنبياء ، مشمولون بقانون الاختبار الإلهي كي تنجلي قدراتهم.
الامتحانات تشمل الجميع وإن اختلفت شدّتها وبالتالي تختلف نتائجها أيضا ، يقول سبحانه : (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ) (٣).
القرآن يعرض نماذج لاختبارات الأنبياء إذ يقول : (وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ) (٤).
ويقول في موضع آخر بشأن اختبار سليمان : (فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قالَ : هذا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ) ... (٥).
__________________
(١) آل عمران ، ١٥٤.
(٢) نهج البلاغة ، الكلمات القصار ، رقم ٩٣.
(٣) العنكبوت ، ٢.
(٤) البقرة ١٢٤.
(٥) النمل ، ٤٠.