عليكم.
ومن الملفت للنظر ، أن الله لم يقل أنه يقبل التوبة ممن تاب ، بل يقول : من تاب فأنا أيضا أتوب عليه ، والفرق في التعبيرين واضح ، فالثاني فيه من التودّد والتحنن وإغداق اللطف ما لا يمكن وصفه.
ثم استعمال الضمير (أنا) في هذا الموضع يستهدف نوعا من التودّد وبيان الارتباط المباشر بين المتكلم والسّامع وخاصة إذا قال عظيم من العظماء : «أنا أتكفل لك بالعمل الفلاني» حيث يختلف عما لو قال : «سنقوم نحن بإنجاز العمل» فالمحبّة الكامنة في الأسلوب الاول غير خافية على أحد.
وكلمة «توّاب» صيغة مبالغة تبعث الأمل في نفوس المذنبين وتمزق أستار اليأس ، عن سماء أرواحهم خاصة وأنها اقترنت بكلمة (رحيم) التي تشير إلى الرحمة الالهية الخاصة.
* * *
بحوث
١ ـ مفاسد كتمان الحق
كتمان الحقائق من المسائل التي عانت منها المجتمعات البشرية على مرّ التاريخ ، وكان لها دوما آثار سيئة عميقة استمرت قرونا واعصارا. ويتحمل تبعة هذه المساوئ دون شك أولئك العلماء الذين يعلمون تلك الحقائق ويكتمونها.
لعل القرآن لم يهدد ويذمّ فئة كما هدّد وذم هذه الفئة الكاتمة للحقائق. ولم لا؟ فإن عمل هؤلاء يجرّ أجيالا متعاقبة إلى طريق الضلال والفساد ، كما أن نشر الحقائق يدفع بالأمم إلى طريق الهداية والصلاح.
البشرية تميل للحقائق بفطرتها ، وكتمان الحقائق عنها يعني صدّ البشرية عن طريق تكاملها الفطري المرسوم لها.