الحليّة ، والمستثناة هي الأغذية المحرمة. من هنا فإن الحرمة تحتاج إلى دليل لا الحلية. وهذا ما يقتضيه أيضا طبيعة الخليقة. إذ لا بدّ من وجود تنسيق بين القوانين التشريعية والقوانين التكوينية.
بعبارة أوضح ما خلقه الله لا بدّ أن ينطوي على فائدة لعباده. من هنا فلا معنى أن يكون الأصل الأوّلي للأطعمة على ظهر الأرض التحريم. فكل غذاء إذن حسب هذه الآية الكريمة حلال ما لم تثبت حرمته بدليل صحيح ، وما دام لا يشكل ضررا على الفرد والمجتمع.
٢ ـ الانحرافات التدريجية
عبارة (خُطُواتِ الشَّيْطانِ) قد تشير إلى مسألة تربوية دقيقة ، هي إنّ الانحرافات تدخل ساحة الإنسان بشكل تدريجي ، لا دفعي فوري. فتلوّث شاب بالقمار ، أو شرب الخمر ، أو بالمخدرات مثلا يتم على مراحل :
يشترك أوّلا متفرجا في جلسة من جلسات الخمارين أو المقامرين ، ظانا أنه عمل اعتيادي لا ضير فيه.
ثم يشترك في القمار للترويح عن النفس (دون ربح أو خسارة) ، أو يتناول شيئا من المخدرات بحجة رفع التعب أو المعالجة أو أمثالها من الحجج.
وفي الخطوة الاخرى يمارس العمل المحرم قاصدا أنه يمارسه مؤقتا.
وهكذا تتوالى الخطوات واحدة بعد اخرى ويصبح الفرد مقامرا محترفا أو مدمنا خطرا.
وساوس الشيطان تدفع بالفرد على هذه الصورة التدريجية نحو هاوية السقوط، وليست هذه طريقة الشيطان الأصلي فحسب ، بل كل الأجهزة الشيطانية تنفذ خططها المشؤومة على شكل «خطوات» لذلك يحذّر القرآن كثيرا من اتّخاذ الخطوة الاولى على طريق الانزلاق.