أجل فهؤلاء الكفار والمشركين كالحيوانات والانعام التي لا تسمع من راعيها الذي يريد لها الخير سوى أصوات مبهمة.
ثم تضيف الآية لمزيد من التأكيد والتوضيح أن هؤلاء (صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ) (١).
ولذلك يتمسكون بالتقاليد الخاطئة لآبائهم ، ويعرضون عن كل دعوة بنّاءة.
وقيل في تفسير الآية أيضا إن معناها : مثل الذين يدعون أصنامهم وآلهتهم الكاذبة كالذي يدعو البهائم ، لا الحيوانات تفهم النداء ولا تلك الأصنام ، لأن هذه الأصنام صمّاء بكماء عمياء لا تعقل.
أكثر المفسرين على التّفسير الأوّل للآية، والروايات الإسلامية تؤيده ونحن على ذلك أيضا.
* * *
بحثان
١ ـ سبل المعرفة
يحتاج الإنسان في ارتباطه بالخارج دون شك إلى سبل ، تسمّى سبل المعرفة. أهم هذه السبل العين والأذن للرؤية والسماع ، واللسان للسؤال.
لذلك ، بعد أن تصف الآية هؤلاء بأنهم صم بكم عمي ، تستنتج باستعمال فاء التفريع وتقول : (فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ).
من هنا يقرر القرآن أن أساس العلوم العين والأذن واللسان ، العين والأذن للفهم المباشر ، واللسان لإقامة الارتباط بالآخرين وكسب علومهم.
__________________
(١) وفقا لهذا التّفسير فان المعنى بحاجة إلى تقدير ، ففي الأصل : مثل الداعي للذين كفروا إلى الايمان ... وعلى هذا تكون جملة «صم بكم عمي فهم لا يعقلون» وصفية لهؤلاء الأشخاص الذين فقدوا جميع آليات الإدراك عمليا. لا أنهم فقدوا العين والاذن واللسان ولكن بما أنهم لم ينتفعوا بها بالوجه الصحيح ، فكأنما قد فقدوها.