وروحيا. والروايات الإسلامية ذكرت علل بعض هذه الأحكام ، والعلوم الحديثة أماطت اللثام أيضا عن بعض هذه العلل.
على سبيل المثال ، روي عن الإمام الصادق عليهالسلام قال : «... أمّا الميتة فإنّه لم ينل منها أحد إلّا ضعف بدنه ، وذهبت قوّته ، وانقطع نسله ، ولا يموت آكل الميتة إلّا فجأة»(١).
ولعل هذه المفاسد تعود إلى أن جهاز الهضم لا يستطيع أن يصنع من الميتة دما سالما حيا ، إضافة إلى أن الميتة مرتع أنواع الميكروبات ، والإسلام اعتبر الميتة نجسة ، كي يبتعد عنها المسلم فضلا عن عدم تناولها.
والمحرّم الثاني في هذه الآية «الدم» ، وشرب الدم له مفاسد أخلاقية وجسمية ، فهو وسط مستعد تماما لتكاثر أنواع الميكروبات.
الميكروبات التي تدخل البدن تتجه أول ما تتجه إلى الدم ، وتتخذه مركزا لنشاطهم ، ولذلك اتخذت الكريات البيضاء مواقعها في الدم للوقوف بوجه توغل هذه الأحياء المجهرية في الدم المرتبط بكل أجزاء الجسم.
وحين يتوقف الدم عن الحركة وتنعدم الحياة فيه ، يتوقف نشاط الكريات البيض أيضا، ويصبح الدم على بذلك وسطا صالحا لتكاثر الميكروبات دون أن تواجه عقبة في التكاثر. ولذلك نستطيع القول إن الدم ـ حين يتوقف عن الحركة ـ يكون أكثر أجزاء جسم الإنسان والحيوان تلوثا.
ومن جهة اخرى ثبت اليوم في علم الأغذية ، أن الأغذية لها تأثير على الأخلاق والمعنويات عن طريق التأثير في الغدد وإيجاد الهورمونات. ومنذ القديم ثبت تأثير شرب الدم على تشديد قسوة الإنسان ، وأصبح ذلك مضرب الأمثال. لذلك نرى الرواية عن الإمام جعفر بن محمّد عليهالسلام تقول : «أمّا الدم فإنه يورث القسوة في القلب وقلّة الرأفة والرحمة حتى لا يؤمن أن يقتل
__________________
(١) وسائل الشيعة ، ج ١٦ ، ص ٣١٠.