الوصية ، يستفاد منها جميعا أنّ تعدي الحدود الشرعية المنطقية في الوصية عمل مذموم ومن كبائر الذنوب.
روي عن الإمام الباقر عليهالسلام : «من عدل في وصيّته كان كمن تصدّق بها في حياته ، ومن جار في وصيّته لقي الله عزوجل يوم القيامة وهو عنه معرض»(١).
والجور في الوصية هو الوصية بأكثر من الثلث ، وحرمان الورثة من حقهم المشروع ، أو التمييز بين الورثة بسبب عواطف شخصية سطحية. وأوصت النصوص الإسلامية أيضا بعدم الوصية بالثلث إن كان الورثة فقراء محتاجين ، وتقليل النسبة إلى الربع وإلى الخمس (٢).
موضوع العدالة في الوصية يبلغ درجة من الأهمية نراها في هذه الرواية : «أنّ رجلا من الأنصار توفى وله صبية صغار وله ستّة من الرّقيق فأعتقهم عند موته وليس له مال غيرهم فلمّا علم النّبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم سأل قومه ما صنعتم بصاحبكم قالوا دفنّاه قال : أما إنّي لو علمته ما تركتكم تدفنونه مع أهل الإسلام ترك ولده صغارا يتكفّفون النّاس» (٣).
٣ ـ الوصايا الواجبة والمستحبة
الوصية وإن كانت مستحبة بطبيعة حالها ـ كما أشرنا إليه ـ ولكن قد تكون واجبة لأمور طارئة ، مثل أن يكون على الإنسان حقوق واجبة للناس أو لله قصّر في أدائها ، أو كانت عنده أمانات وديون أو مثل ذلك بحيث لو لم يوص احتمل ضياع حقوق النّاس بذلك ، وأهم من الكل أن يكون للإنسان مكانة خاصة في المجتمع لو لم يوص لمن بعده وقعت اضطرابات وأمور مؤسفة ففي جميع هذه الصور تجب الوصيّة.
__________________
(١) وسائل الشيعة ، ج ١٣ ، ص ٣٥٩.
(٢) وسائل الشيعة ، ج ١٣ ، ص ٣٦٠.
(٣) سفينة البحار ، ج ٢ ، ص ٦٥٩ ، مادّة وصى.