مجموعة خاصة.
آخر آية في بحثنا تتحدث عن زمان الصوم وبعض أحكامه ومعطياته تقول :(شَهْرُ رَمَضانَ) هو الشهر الذي فرض فيه الصيام.
وهو (الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ ، هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقانِ) ، أي معيار معرفة الحق والباطل.
ثم تؤكد ثانية حكم المسافر والمريض وتقول : (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ، وَمَنْ كانَ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) (١).
تكرار حكم المسافر والمريض في هذه الآية والآية السابقة ، قد يكون سبب كراهية بعض المسلمين أن لا يصوموا أيام شهر رمضان حتى ولو كانوا مرضى أو مسافرين. والقرآن بهذا التكرار يفهم المسلمين أن الصوم في حالة السلام والحضر حكم إلهي ، والإفطار في حال السفر والمرض حكم إلهي أيضا لا تجوز مخالفته.
وفي آخر الآية إشارة اخرى إلى فلسفة تشريع الصوم ، تقول : (يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ). فالصوم ـ وإن كان على الظاهر نوعا من التضييق والتحديد ـ مؤدّاه راحة الإنسان ونفعه على الصعيدين المادي والمعنوي ، (وسيأتي تفصيل ذلك في بحث فلسفة الصوم).
ولعل هذه العبارة إشارة إلى أن الأوامر الإلهية ليست كأوامر الحاكم الظالم ، ففي الصوم رخص حيثما كان فيه مشقة على الصائم ، لذلك رفع تكليف الصوم ـ على أهميته ـ عن المريض والمسافر والضعيف.
ثم تقول الآية : (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ) أي يلزم على كل إنسان سليم أن يصوم شهرا ، فذلك ضروري لتربية جسمه ونفسه. لذلك وجب على المريض والمسافر أن يقضي ما فاته من شهر رمضان ليكمل العدّة ، وحتى الحائض ـ التي أعفيت من
__________________
(١) أي من كان في حضر فليصم شهر رمضان ، وقيل إن جملة «من شهد منكم الشّهر» تعني رؤية الهلال ، وهو بعيد ، والحق ما ذكرناه وروايات أئمة أهل البيت تؤيد ذلك.