إنه أقرب ممّا تتصورون ، أقرب منكم إليكم ، بل (وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيد)(١).
ثم تقول الآية : (أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ).
إذن (فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي ، وَلْيُؤْمِنُوا بِي ، لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ).
ويلفت النظر في الآية ، أن الله سبحانه أشار إلى ذاته المقدسة سبع مرات ، وأشار إلى عباده سبعا! مجسدا بذلك غاية لطفه وقربه وارتباطه بعباده.
روى عبد الله بن سنان عن الإمام الصادق عليهالسلام قال : «الدّعاء يردّ القضاء بعد ما أبرم إبراما فأكثر من الدّعاء فإنّه مفتاح كلّ رحمة ونجاح كلّ حاجة ولا ينال ما عند الله عزوجل إلّا بالدّعاء وإنّه ليس باب يكثر قرعه إلّا يوشك أن يفتح لصاحبه» (٢).
نعم ، إنه قريب منّا ، وكيف يبتعد وهو سبحانه (يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ) (٣).
* * *
بحوث
١ ـ فلسفة الدعاء
أولئك الجاهلون بحقيقة الدعاء وآثاره التربويّة والنفسية ، يطلقون أنواع التشكيك بشأن الدعاء.
يقولون : الدعاء عامل مخدّر ، لأنه يصرف النّاس عن الفعّالية والنشاط وعن تطوير الحياة ، ويدفعهم بدلا من ذلك إلى التوسّل بعوامل غيبية.
ويقولون : إن الدعاء تدخّل في شؤون الله ، والله يفعل ما يريد ، وفعله منسجم مع مصالحنا ، فما الداعي إلى الطلب منه والتضرّع إليه؟!
__________________
(١) ق ، ١٦.
(٢) أصول الكافي ، ج ٢ ، كتاب الدعاء (باب إن الدعاء يرد البلاء) ، الحديث ٧.
(٣) الأنفال ، ٢٤.