وسابع كالنحلة لا تفكّر إلّا بامتصاص رحيق الورد لتهيئة العسل.
وهكذا روّاد طريق التّفسير القرآني ، عكس كلّ منهم بما يملكه من مرآة خاصّة ، مظهرا من مظاهر جمال القرآن وأسراره.
واضح أنّ كلّ هذه التفاسير في الوقت الذي تعتبر فيه تفسيرا للقرآن ، إلّا أنها ليست تفسيرا للقرآن ، لأنّ كلّ واحد منها يميط اللثام عن بعد من أبعاد القرآن لا عن كلّ الأبعاد ، وحتى لو جمعناها لتجلّى من خلالها بعض أبعاد القرآن لا جميع أبعاده.
ذلك لأنّ القرآن كلام الله وفيض من علمه اللامتناهي ، وكلامه مظهر لعلمه ، وعلمه مظهر لذاته ، وكلّها لا متناهية.
من هنا ، لا ينبغي أن نتوقع استطاعة البشر إدراك جميع أبعاد القرآن ، فالكوز لا يسع البحر.
طبعا ، ممّا لا شكّ فيه أنّنا نستطيع أن نغرف من هذا البحر الكبير ... الكبير جدا... بقدر سعة آنية فكرنا ، ومن هنا كان على العلماء فرض أن لا يتوانوا في كلّ عصر وزمان عن كشف مزيد من حقائق القرآن الكريم ، وأن يبذلوا جهودهم المخلصة في هذا المجال ما استطاعوا ، عليهم أن يستفيدوا ممّا خلّفه الأسلاف رضوان الله عليهم في هذا المجال، ولكن لا يجوز لهم أن يكتفوا به ، فرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال عن كتاب الله العزيز : «لا تحصى عجائبه ، ولا تبلى غرائبه».
أخطر طريقة في تفسير القرآن هي أن يأتي المفسّر إلى كتاب الله العزيز معلّما لا تلميذا.
أي يأتي إليه ليفرض أفكاره على القرآن ، وليعرض رؤاه وتصوراته المتولّدة من إفرازات البيئة والتخصّص العلمي ، والاتّجاه المذهبيّ الخاص ،