هذه المسألة لا تختص بالإسلام طبعا ، كل المذاهب في العالم لها مؤمنون معتقدون ، أو معارضون صريحون ، أو منافقون محافظون. كما أنها لا تختص بزمان معين ، بل هي سارية في كل العصور.
الآيات المذكورة تدور حول المجموعة الاولى ، وتطرح خصائصهم في خمسة عناوين هي:
١ ـ الإيمان بالغيب :
«الغيب والشهود» نقطتان متقابلتان ، عالم الشهود هو عالم المحسوسات ، وعالم الغيب هو ما وراء الحس. لأنّ «الغيب» في الأصل يعني ما بطن وخفي. وقيل عن عالم ما وراء المحسوسات «غيب» لخفائه عن حواسّنا. التقابل بين العالمين مذكور في آيات عديدة كقوله تعالى : (عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ) (١).
الإيمان بالغيب هو بالضبط النقطة الفاصلة الاولى بين المؤمنين بالأديان السماوية،وبين منكري الخالق والوحي والقيامة. ومن هنا كان الإيمان بالغيب أول سمة ذكرت للمتّقين.
المؤمنون خرقوا طوق العالم المادي ، واجتازوا جدرانه ، إنّهم بهذه الرؤية الواسعة مرتبطون بعالم كبير لا متناه. بينما يصرّ معارضوهم على جعل الإنسان مثل سائر الحيوانات،محصورا في موقعه من العالم المادي. وهذه الرؤية المادية تقمّصت في عصرنا صفات العلمية والتقدمية والتطورية!
لو قارنّا بين فهم الفريقين ورؤيتهما ، لعرفنا أن : «المؤمنين بالغيب» يعتقدون أن عالم الوجود أكبر وأوسع بكثير من هذا العالم المحسوس ، وخالق عالم الوجود
__________________
(١) الحشر ، ٢٢.