الكافرين ، إضافة إلى ذلك ، تعبير الآية مطلق ليس فيه قيد يحدده بمعنى خاص.
بعض الروايات المنقولة عن أهل البيت عليهمالسلام تفسّر الغيب في الآية ، بالمهدي الموعود المنتظر (سلام الله عليه) والذي نعتقد بحياته وخفائه عن الأنظار ، وهذا لا ينافي ما ذكرناه بشأن معنى الغيب ، لأن الروايات الواردة في تفسير الآيات تبين غالبا مصاديق خاصة للآيات ، دون أن تحدد الآيات بهذه المصاديق الخاصة ، وسنرى في صفحات هذا التّفسير أمثلة كثيرة لذلك. والروايات المذكورة بشأن تفسير معنى الغيب ، تستهدف في الواقع توسيع نطاق معنى الإيمان بالغيب ، ليشمل حتى الإيمان بالمهدي المنتظر عليهالسلام ويمكننا القول أنّ الغيب له معنى واسع قد نجد له بمرور الزمن مصاديق جديدة.
٢ ـ الارتباط بالله :
الصفة الاخرى للمتقين هي أنهم (يُقِيمُونَ الصَّلاةَ).
«الصّلاة» باعتبارها رمز الارتباط بالله ، تجعل المؤمنين المنفتحين على عالم ما وراء الطبيعة على ارتباط دائم بالخالق العظيم. فهم لا يحنون رؤوسهم إلّا أمام الله ، ولا يستسلمون إلّا لرب السماوات والأرض ، ولذلك لا معنى في قاموس حياتهم لعبادة الأوثان ، أو التسليم أمام الجبابرة والطواغيت.
مثل هذا الإنسان يشعر أنّه أسمى من جميع المخلوقات الاخرى ، إذ أنّه منح لياقة الحديث مع ربّ العالمين ، وهذا الإحساس الوجداني أكبر عامل في تربية الموجود البشري.
الإنسان الذي يقف خمس مرات يوميّا أمام الله ، يتضرع إليه ويناجيه ، ينطبع فكره وعمله وقوله بطابع إلهي ، ومثل هذا الإنسان لا ينهج طريقا فيه سخط الله (على أن يكون تضرعه لله صادرا عن أعماق قلبه ومنطلقا من تمام وجوده) (١).
__________________
(١) بشأن أهمية الصلاة وآثارها التربوية الكبرى ، راجع تفسير الآية ١١٤ من سورة هود (في المجلد السابع