الأنبياء في الفكر والعمل ، لأن هذه الرّسالة هي آخر حلقة من السلسلة التكاملية للأديان ، وعدم انتهاجها يعني التخلف عن المسيرة التكاملية للبشرية.
٥ ـ الإيمان بيوم القيامة :
آخر صفة في هذه السلسلة من الصفات التي قررها القرآن للمتقين (وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ).
إنهم يوقنون بأن الإنسان لم يخلق هملا وعبثا ، فالخليقة عينت للكائن البشري مسيرة تكاملية لا تنتهي إطلاقا بموته ، إذ لو كان الموت نهاية المسير لكانت حياة الإنسان عبثا لا طائل تحته.
المتّقون يقرّون بأن عدالة الله المطلقة تنتظر الجميع ، ولا شيء من أعمال البشر في هذه الدنيا يبقى بدون جزاء.
هذا اللون من التفكير يبعث في نفس حامله الهدوء والسكينة ، ويجعله يتحمل أعباء المسؤولية ومشاقها بصدر رحب ، ويقف أمام الحوادث كالطود الأشمّ ، ويرفض الخضوع للظلم. وهذا التفكير يملأ الإنسان ثقة بأن الأعمال ـ صالحها وطالحها ـ لها جزاء وعقاب ، وبأنه ينتقل بعد الموت إلى عالم أرحب خال من كل ألوان الظلم ، يتمتع فيه برحمة الله الواسعة وألطافه الغزيرة.
الإيمان بالآخرة يعني شقّ حاجز عالم المادة والدخول إلى عالم أسمى. ويعني أن عالمنا هذا مزرعة لذلك العالم الأسمى ومدرسة إعدادية له ، وأنّ الحياة في هذا العالم ليست هدفا نهائيّا ، بل تمهيد وإعداد للعالم الآخر.
الحياة في هذا العالم شبيهة بحياة المرحلة الجنينية ، فهي ليست هدفا لخلقة الإنسان ، بل مرحلة تكاملية من أجل حياة اخرى. وما لم يولد هذا الجنين سالما خاليا من العيوب ، لا يستطيع أن يعيش سعيدا في الحياة التالية.
الإيمان بيوم القيامة له أثر عميق في تربية الإنسان. يهبه الشجاعة والشهامة ،