عَذابٌ عَظِيمٌ).
أجهزة استقبال الحقائق معطوبة عند هؤلاء ... العين التي يرى المتقون فيها آيات الله، والاذن التي يسمعون بها نداء الحق ، والقلب الذي يدركون به الحقائق ، كلها قد تعطّلت وتوقفت عن العمل لدى الكافرين. هؤلاء لهم عيون وآذان وعقول ، لكنهم يفتقدون قدرة «الرؤية» و «الإدراك» و «السمع». لأن انغماسهم في الانحراف وعنادهم ولجاجهم ، كلها عناصر تشكل حجابا أمام أجهزة المعرفة.
الإنسان قابل للهداية طبعا ـ إن لم يصل إلى هذه المرحلة ـ مهما بلغ به الضلال أمّا حينما يبلغ في درجة يفقد معها حسّ التشخيص «فلات حين نجاة» لأنه افتقد أدوات الوعي والفهم ، ومن الطبيعي أن يكون في انتظاره عذاب عظيم.
* * *
بحوث
١ ـ سلب قدرة التشخيص ومسألة الجبر
أول سؤال يطرح في هذا المجال يدور حول مسألة الجبر ، التي قد تتبادر إلى الأذهان من قوله تعالى : (خَتَمَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ) ... فهذا الختم يفيد بقاء هؤلاء في الكفر إجبارا ، دون أن يكون لهم اختيار في الخروج من حالتهم هذه. أليس هذا بجبر؟ وإذا كان جبرا فلما ذا العقاب؟
القرآن الكريم يجيب على هذه التساؤلات ويقول : إن هذا الختم وهذا الحجاب هما نتيجة إصرار هؤلاء ولجاجهم وتعنتهم أمام الحق ، واستمرارهم في الظلم والطغيان والكفر. يقول تعالى : (بَلْ طَبَعَ اللهُ عَلَيْها بِكُفْرِهِمْ) (١) ويقول :
__________________
(١) النساء ، ١٥٥.