نفوسهم حساسيتهم السابقة تجاه الذنب ، ووصل أمرهم إلى حدّ يجدون اللذة والإنشراح في الانحراف ، وقد يضفون عليه صفة الواجب الإنساني! أو الواجب الديني!!
وفي تاريخنا الإسلامي ظهر مجرمون سفّاكون مولعون بإزهاق الأرواح والتنكيل بالمسلمين كما ذكر في حالات «الحجاج بن يوسف الثقفي» أنه كان يضع لأعماله الإجرامية تبريرات دينية، ويقول مثلا : إن الله سلّطنا على هؤلاء النّاس المذنبين لنظلمهم ، فهم مستحقون لذلك!!
وكذلك قيل إن أحد جنود المغول خطب في أحد مدن ايران الحدودية وقال : ـ ألستم يعتقدون أن عذاب الله يصيب المذنبين؟ فنحن عذاب الله عليكم ، فلا ينبغي لكم المقاومة.
٢ ـ لماذا يصرّ الأنبياء على هداية هؤلاء ، إذا كانوا لا يهتدون؟
وهذا سؤال آخر يطرح في إطار الآيات المذكورة. والجواب عليه يتضح لو عرفنا أن العقاب الإلهي يرتبط بمواقف الإنسان العملية وسلوكه الفعلي ، لا بما يكنّه في قلبه من زيغ وضلال فقط. من هنا كان لا بدّ من توجيه الدعوة حتى إلى هؤلاء الذين لا يهتدون. بعد ذلك يستحق الفرد العقاب تبعا لموقفه من الدعوة. بعبارة اخرى لا بدّ من «إتمام الحجّة» قبل العقاب.
بعبارة موجزة : الثّواب والعقاب يتوقفان حتما على العمل بعد إنجازه ، لا على المحتوى الفكري والروحي للفرد.
أضف إلى ما سبق : أن الأنبياء بعثوا للناس جميعا ، وهؤلاء الذين (طَبَعَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ) قليلون في المجتمع ، أما الأكثرية فهم التائهون الذين يتقبّلون الهداية ضمن برنامج تعليمي تربوي صحيح.