٣ ـ الختم على القلوب :
في الآيات المذكورة وآيات اخرى عبّر القرآن عن عملية سلب حسّ التشخيص والإدراك الواقعي للأفراد بالفعل «ختم» ، وأحيانا بالفعل «طبع» و «ران».
في اللغة «ختم» الإناء بمعنى سدّه بالطين أو غيره ، وأصلها من وضع الختم على الكتب والأبواب كي لا تفتح ، والختم اليوم مستعمل في الاستيثاق من الشّيء والمنع منه كختم سندات الأملاك والرسائل السرّية الهامة.
وهناك شواهد من التأريخ تدلّ على أن الملوك وأرباب السلطة كانوا سابقا يختمون صرر الذهب بخاتمهم الخاص ويبعثون بها إلى المنظورين للاطمئنان على سلامة الصرر وعدم التلاعب في محتوياتها.
والشائع في هذا الزمان الختم على الطرود البريدية أيضا ، وقد استعمل القرآن كلمة «الختم» هنا للتعبير عن حال الأشخاص المعاندين الذين تراكمت الذنوب والآثام على قلوبهم حتى منعت كلمة الحق من النفوذ إليها وأمست كالختم لا سبيل إلى فتحه.
و «طبع» بمعنى ختم أيضا.
أما «ران» فمن «الرين» وهو صدأ يعلو الشيء الجليّ ، واستعمل القرآن هذه الكلمة في حديثه عن قلوب الغارقين في أوحال الفساد والرّذيلة : (كَلَّا بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ) (١).
المهم أن الإنسان ينبغي أن يكون حذرا لدى صدور الذنب منه ، فيسارع إلى غسله بماء التوبة والعمل الصالح ، كي لا يتحول إلى صفة ثابتة مختوم عليها في القلب.
__________________
(١) المطففين ، ١٤.