(وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا : آمَنَّا ، وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ قالُوا : إِنَّا مَعَكُمْ ، إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ)!.
يؤكدون لشياطينهم أنهم معهم ، وأن ولاءهم للمؤمنين ظاهري ، هدفه الاستهزاء.
وبلهجة قويّة حاسمة يردّ القرآن الكريم على هؤلاء ويقول : (اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ) (١).
الآية الأخيرة توضّح المصير الأسود المظلم لهؤلاء المنافقين ، وخسارتهم في سيرتهم الحياتية الضّالة : (أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ وَما كانُوا مُهْتَدِينَ).
* * *
بحوث
١ ـ ظهور النّفاق وأسبابه :
حينما تندلع الثورة في منطقة معينة ، فإن مصالح الفئة الظالمة الناهبة المستبدة تتعرض للخطر حتما ، خاصة إذا كانت الثورة مثل ثورة الإسلام تقوم على أساس الحقّ والعدالة. هذه الفئة تسعى للإطاحة بالثورة عن طريق السخريّة والاستهزاء أوّلا ، ثمّ بالاستفادة من القوة المسلحة والضغوط الاقتصادية ، والتضليل الاجتماعي.
وحين تبدو في الأفق علامات انتصار الثورة ، تعمد فئة من المعارضين إلى تغيير موقفها ، فتستسلم ظاهريا ، وتتحول في الواقع إلى مجموعة معارضة سريّة.
هؤلاء يسمّون «منافقين» لانطوائهم على شخصيتين مختلفتين (المنافق
__________________
(١) يعمهون ، من «العمه» أي التردّد في الأمر ، وأيضا بمعنى عمي القلب والبصيرة بسبب التحيّر (راجع: مفردات الراغب ، وتفسير المنار ، وقاموس اللغة).