ابن جحش الأسدي ـ وهو ابن عمّة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ وذلك قبل بدر بشهرين ، على رأس سبعة عشر شهرا من مقدم النبيّ المدينة ، فانطلقوا حتّى هبطوا نخلة ـ وهي أرض بين مكّة والطائف ـ فوجدوا بها عمرو بن الحضرميّ في قافلة تجارة لقريش في آخر يوم من جمادي الآخرة ، وكانوا يرون أنه من جمادي وهو رجب ـ من الأشهر الحرم ـ فاختلف المسلمون أيقتلون الحضرميّ ويغنمون ماله ، لعدم علمهم بحلول الشهر الحرام ، أم يتركونه احتراما لحرمة شهر رجب ، وانتهى بهم الأمر أن شدّوا على الحضرميّ فقتلوه وغنموا ماله ، فبلغ ذلك كفّار قريش فطفقوا يعيّرون المسلمين ويقولون إنّ محمّدا أحلّ سفك الدماء في الأشهر الحرم ، فنزلت الآية الاولى.
ثمّ نزلت الآية الثانية حين سأل عبد الله بن جحش وأصحابه عمّا إذا كانوا قد أدركوا أجر المجاهدين في انطلاقتهم أو لا (١)؟!
التّفسير
القتال في الأشهر الحرم :
كما مرّ بنا في سبب النّزول ويشير إلى ذلك السياق أيضا فإنّ الآية الاولى تتصدّى للجواب عن الأسئلة المرتبطة بالجهاد والاستثنائات في هذا الحكم الإلهي فتقول الآية (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ) ثمّ تعلن الآية حرمة القتال وأنّه من الكبائر (قُلْ قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ) أي إثم كبير.
وبهذا يمضي القرآن الكريم بجديّة السنّة الحسنة الّتي كانت موجودة منذ قديم الأزمان بين العرب الجاهليّين بالنسبة إلى تحريم القتال في الأشهر الحرم
__________________
والسرية من «السري» أي الشيء النفيس ، وإنّما سمّيت بذلك لأن أفرادها ممتازون.
وقال المطرزي : السرية من «السرى» وهو المشي ليلا ، لأنّ هذه المجموعة كانت تستتر بالليل في حركتها ، وذهب إلى ذلك أيضا ابن حجر في الملتقطات.
(١) سيرة ابن هشام : ج ٢ ص ٢٥٢.