والمرتدّون سوف يحرمون من هذه البركات بسبب ارتدادهم ، مضافا إلى محو جميع معطيات الإيمان الدنيويّة للفرد حيث تنفصل عنه زوجته وتنتقل أمواله إلى ورثته فور ارتداده.
الآية التالية تشير إلى النقطة المقابلة لهذه الطائفة ، وهم المؤمنون المجاهدون وتقول:(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هاجَرُوا وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أُولئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللهِ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ).
أجل ، فهذه الطائفة الّتي يتحلّى أفرادها بهذه الصّفات الثلاث المهمّة (الإيمان والهجرة والجهاد) قد يرتكبون خطأ بسبب جهلهم وعدم اطّلاعهم (كما صدر ذلك من عبد الله بن جحش الوارد في سبب النزول) إلّا أنّ الله تعالى يغفر لهم زلّتهم بلطفه ورحمته(١).
* * *
بحث
الإحباط والتكفير :
(حبط) في الأصل كما يقول الراغب في مفرداته بمعنى أنّ الحيوان قد يأكل كثيرا حتّى تنتفخ بطنه ، وبما أنّ هذه الحالة تؤدّي إلى فساد الغذاء وعدم تأثيره الإيجابي في الحيوان استعملت هذه الكلمة بمعنى البطلان وذهاب الأثر ، ولذلك ورد في معجم مقاييس اللّغة أنّ معنى هذه الكلمة هو البطلان ، ومن ذلك ما ورد في آية (١٦) من سورة هود حيث أوردت هذه الكلمة مساوقة للبطلان (أُولئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ ما صَنَعُوا فِيها وَباطِلٌ ما كانُوا يَعْمَلُونَ).
__________________
(١) أشرنا إلى معنى «المرتد الفطري والحلي» في ذيل الآية (١٠٦) من سورة النحل ، وسيأتي الكلام عنه في ذيل الآية (٨٩) من سورة آل عمران من هذا المجلد.