حول الزّواج مع المشركين فتقول (وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَ) ثمّ تضيف مقايسة وجدانيّة فتقول (وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ).
فصحيح أنّ نكاح الجواري وخاصّة الجواري اللّاتي ليس لهنّ مال ولا جمال غير محبّب في عرف النّاس ولا محمود لا سيّما إذا كانت هناك امرأة مشركة في مقابل ذلك تتمتّع بجمال وثروة ماديّة ، ولكنّ قيمة الإيمان تجعل الكفّة تميل لصالح الجواري ، لأنّ الهدف من الزواج ليس هو اللّذة الجنسيّة فقط ، فالمرأة شريكة عمر الإنسان ومربيّة لأطفاله وتشكّل قسما مهمّا من شخصيّته ، فعلى هذا الأساس كيف يصحّ استقبال الشرك وعواقبه المشؤومة لاقترانه بجمال ظاهري ومقدار من الأموال والثروة.
ثمّ أنّ الآية الشّريفة تقرّر حكما آخر وتقول (وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ).
وبهذا الترتيب منع الإسلام من زواج المرأة المؤمنة مع الرجل المشرك كما منع نكاح الرجل المؤمن من المرأة المشركة حتّى أنّ الآية رجّحت العبد المؤمن أيضا على الرجال المشركين من أصحاب النفوذ والثروة والجمال الظاهري ، لأنّ هذا المورد أهم بكثير من المورد الأوّل وأكثر خطورة ، فتأثير الزوج على الزوجة أكثر عادة من تأثير الزوجة على زوجها.
وفي ختام الآية تذكر دليل هذا الحكم الإلهي لزيادة التفكّر والتدبّر في الأحكام وتقول (أُولئِكَ) ـ أي المشركين ـ (يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللهُ يَدْعُوا إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ) ثمّ تضيف الآية (وَيُبَيِّنُ آياتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ).
* * *
بحوث
١ ـ الحكمة في تحريم نكاح المشركين
كما رأينا في الآية مورد البحث أنّها تبيّن الغرض والحكمة من هذا التحريم