بحوث
١ ـ الإيلاء حكم استثنائي
تقدّم الحديث في الآيات السّابقة عن القسم اللّغو ، وقلنا أنّ كلّ قسم على فعل ما يخالف الشّريعة المقدّسة فهو من مصاديق اللّغو في القسم ، فلا إشكال من نقضه ، وعلى ذلك فالقسم على ترك الواجبات الزوجيّة لا أثر له إطلاقا ، في حين أنّ الإسلام قد جعل له كفّارة (١) (وهي كفّارة نقض القسم واليمين المذكورة في الأبحاث السّابقة) وهذا في الحقيقة عبارة عن عقوبة لبعض الرجال الّذين يتوسّلون بهذه الذريعة لتضييع حقوق الزّوجة حتّى لا يقوموا بتكرار هذا العمل مرّة اخرى.
٢ ـ الإيلاء في حكم الإسلام والغرب
في اوروبا نلاحظ وجود ما يشبه الإيلاء ويطلقون عليه الانفصال البدني وتوضيحه : أنه بما أن الطلاق كان محضورا في الديانة المسيحية لذا قام الغربيّين بعد الثورة الفرنسيّة الكبرى باستخدام ظاهرة الانفصال الجسمي بين الزوجين باعتبارها إحدى سبل الطّلاق ، وذلك بأن يعيش الرجل في مكان والمرأة في مكان آخر عند عدم وجود الوفاق بينهما ، وتبقى كلّ الحقوق الزوجيّة محفوظة سوى نفقة الرجل وتمكين المرأة ، فالرجل لا يستطيع أن يتزوّج بامرأة اخرى ولا المرأة كذلك على أن لا تتجاوز مدّة الانفصال ثلاث سنوات يجب على الزوجين بعدها أن يعودا إلى حياتهم الزوجيّة (٢) ، فالبرّغم من أنّ القانون الغربي سمح للزّوجين أن ينفصلا في ثلاث سنين ، إلّا أنّ الإسلام لم يسمح لهذا الانفصال أن
__________________
(١) إذا جامع الرجل قبل الأربعة أشهر فإن الكفّارة واجبة عليه إجماعا وإذا جامع بعد الأربعة أشهر فإن هذا الحكم مشهور بين الفقهاء ، رغم أن البعض أنكروا الكفّارة في هذه الصورة.
(٢) حقوق المرأة في الإسلام وأوروبا.