وبلغ وضع المرأة من الانحطاط بحيث إن صاحبها كان يستفيد منها للارتزاق أحيانا ، فيعرضها للإيجار.
ما كان يعانيه هؤلاء من فقر حضاري وفقر مادّي جعل منهم قساة لا يتورّعون عن ارتكاب جريمة «الوأد» بحقّ الأنثى.
٥ ـ المرحلة الجديدة في حياة المرأة
مع ظهور الإسلام وانتشار تعاليمه السامية ، دخلت حياة المرأة مرحلة جديدة بعيدة كلّ البعد عمّا سبقها. في هذه المرحلة أصبحت المرأة مستقلّة ومتمتّعة بكلّ حقوقها الفردية والاجتماعية والإنسانية.
تقوم تعاليم الإسلام بشأن المرأة على أساس الآيات التي ندرسها في هذا المبحث حيث يقول تعالى : (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ) ، فالمرأة بموجب هذه الآية تتمتّع بحقوق تعادل ما عليها من واجبات ثقيلة في المجتمع.
الإسلام اعتبر الرجل كالمرأة كائنا ذا روح إنسانيّة كاملة ، وذا إرادة وإختيار ، ويطوي طريقه على طريق تكامله الذي هو هدف الخلقة ، ولذلك خاطب الرجل والمرأة معا في بيان واحد حين قال : (يا أَيُّهَا النَّاسُ) ... و (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا).
وضع لهما منهجا تربويا وأخلاقيا وعلميا ووعدهما معا بالسعادة الأبدية الكاملة في الآخرة ، كما جاء في قوله تعالى : (وَمَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ) (١).
وأكّد أنّ الجنسين قادران على انتهاج طريق الإسلام للوصول إلى الكمال المعنويّ والماديّ ولبلوغ الحياة الطيّبة المفعمة بالطمأنينة ، نظير ما جاء في قوله
__________________
(١) غافر : ٤٠.