الأطهار عليهمالسلام تذكر هذه الهدايا بصورة مأكل أو ملبس أو أرض زراعيّة.
كذلك يتّضح من هذه الآية أنّ تعيين المهر قبل إجراء العقد في النكاح الدائم ليس ضروريّا إذ يمكن للطرفين أن يتّفقا على ذلك بعد (١) إذ كما تفيد الآية أيضا أنّه إذا حصل الطّلاق قبل تعيين المهر وقبل المضاجعة فلا يجب المهر ، بل يستعاض عنه بالهديّة المذكورة.
ويجب الالتفات إلى أنّ الزّمان والمكان مؤثّران في مقدار الهديّة المناسبة.
وتتحدّث الآية التالية عن حالة الطّلاق الّذي لم يسبقه المضاجعة ولكن بعد تعيين المهر فتبيّن أنّ الحكم في هذا اللّون من الطّلاق الّذي يكون قبل المضاجعة وبعد تعيين المهر يوجب على الزّوج دفع نصف المهر المعيّن (وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ).
وهذا هو حكم القانوني لهذه المسألة ، فيجب دفع نصف المهر إلى المرأة بدون أيّة نقيصة ، ولكن الآية تتناول الجوانب الأخلاقيّة والعاطفيّة وتقول : (إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ).
والمراد من ضمير (يعفون) هم الأزواج ، أمّا في قوله (أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ) هو وليّ الصغير أو السفيه ، ومن الواضح أنّ الوليّ ليس له الحقّ من أن يعفو أو يتنازل عن حقّ الصغير إلّا إذا تضمّن مصلحة الصغير.
فعلى هذا يكون حكم دفع نصف المهر بغض النظر عن مسألة العفو والتنازل عن الحقّ ، وممّا تقدّم يتّضح أن من له العفو هو الولي للصّغير أو السفيه لأنّه هو الّذي بيده أمر زواج المولّى عليه ، ولكن بعض المفسّرين تصوّروا أنّ المراد هو الزّوج ، بمعنى أنّ الزوج متى ما دفع تمام المهر قبلا (كما هو المتعارف عند الكثير من
__________________
(١) لا شكّ أنّ المهر لا يسقط إن لم يذكر في العقد الدائم بل يعبر (مهر المثل) أي المهر الذي يعادل مهور نساء مماثلات إلّا إذا حصل الطلاق قبل الدخول عندئذ يتوجب تقديم هديّة كما ذكرنا.