الجاهليّة سنة كاملة تمرّ خلالها الارملة بكثير من التقاليد والعادات الخرافيّة الشّاقة ، فجاء الإسلام وألغى تلك العادات وأبقى مدّة العدّة سنة في بداية الأمر ، ثمّ جعلها أربعة أشهر وعشرة أيّام ، كما منع المرأة فقط من الزّينة خلال هذه المدّة.
ويستفاد من كلام «الفخر الرازي» هو أن الآية أعلاه نسخت بآيات الإرث وعدّة أربعة أشهر وعشرة أيّام (١).
ولكن لو لا إجماع العلماء والروايات المتعدّدة في هذا المجال لأمكن القول بعدم وجود التعارض بين هذه الآيات ، فإنّ الحكم بأربعة أشهر وعشرة أيّام للعدّة هو حكم إلهي ، وأمّا المحافظة على العدّة لمدّة سنة كاملة والبقاء في بيت الزوج والاستفادة من النفقة فإنّه حقّ لها، أي أنّه قد اعطي الحقّ للمرأة أن تبقى في بيت زوجها المتوفّى سنة كاملة إن أرادت ذلك وتستفيد من النفقة طبقا لوصيّة زوجها في جميع هذه المدّة ، وإن رفضت ذلك ولم ترغب في البقاء ، فيجوز لها الخروج من البيت بعد أربعة أشهر وعشرة أيّام ، ويمكنها كذلك اختيار زوج آخر ، وحينئذ سوف تقطع عنها بطبيعة الحال النفقة من مال زوجها السابق.
ولكن مع ملاحظة الروايات المتعدّدة عن أهل البيت عليهمالسلام وشهرة حكم النسخ أو اتفاق العلماء على ذلك ، فلا يمكن قبول مثل هذا التفسير رغم أنّه موافق لظواهر الآيات الشريفة.
في الآية الثانية يبيّن القرآن الكريم حكما آخر من أحكام الطّلاق ويقول:(وَلِلْمُطَلَّقاتِ مَتاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ) أي أنّ المتقين يجب عليهم تقديم هديّة لائقة للنساء المطلّقات.
وبالرّغم من أنّ ظاهر الآية يشمل جميع النساء المطلّقات ، ولكن بقرينة الآية ٢٣٦ السابقة نفهم أنّ هذا الحكم يختص بمورد النسوة التي لم يقرّر لهنّ مهر بعد
__________________
(١) الفخر الرازي : ج ٦ ص ١٥٨.