عالم الوجود ، أي أنّ الله تعالى أوجد أسباب هلاكهم فماتوا جميعا في وقت قصير ، وهذه أشبه بالأمر الذي أورد في الآية ٨٢ من سورة يس (إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (١).
وجملة (ثُمَّ أَحْياهُمْ) إشارة إلى عودتهم إلى الحياة بعد موتهم استجابة لدعاء (حزقيل النبي) كما ذكرنا في سبب نزول الآية ، ولمّا كانت عودتهم إلى الحياة مرّة اخرى من النعم الإلهيّة البيّنة (نعمة لهم ونعمة لبقيّة الناس للعبرة) ففي ختام الآية تقول (إِنَّ اللهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ) فليست نعمة الله وألطافه وعنايته تنحصر بهؤلاء، بل لجميع الناس.
* * *
بحوث
هنا ينبغي أن نشير إلى بعض النقاط :
١ ـ هل هذه الحادثة التاريخيّة حقيقيّة ، أم مجرّد تمثيل؟
هذه الحكاية التي ذكرناها ، أهي حدث تاريخي واقعي أشار إليه القرآن إشارة عابرة، ثمّ شرحته الروايات والأحاديث ، أم أنّها أقصوصة لتجسيد الحقائق العقلية وبيانها بلغة حسّية؟
لمّا كان لهذه الحكاية جوانب غير عادية بحيث صعب هضمها على بعض المفسّرين،فإنّهم أنكروا كونها حقيقة واقعة ، وقالوا إنّ ما جاء في الآية إنّما هو من باب ضرب المثل بقوم يضعفون عن الجهاد ضدّ العدوّ فيهزمون ثمّ يعتبرون بما جرى فيستيقظون ويستأنفون الجهاد ومحاربة العدوّ وينتصرون.
وبموجب هذا التفسير يكون معنى «موتوا» الهزيمة في الحرب بسبب الضعف
__________________
(١) يس : ٨٢.