أي عدوّ شرس أن يصنع ذلك في ميدان القتال ، فبهذا تقول الآية لهم أنّه لا تتصوّروا أنّ التهرّب من المسؤوليّة والتوسّل بالأعذار الواهية يجعلكم في مأمن من الخطر ، فأنتم أعجز من أن تقفوا أمام قدرة الله تعالى ، فإنّه تعالى قادر على أن يبتليكم بعدوّ صغير لا يرى بالعين وهو مكروب الطّاعون أو الوباء وأمثال ذلك فيختطف أرواحكم فيذركم كعصف مأكول.
٣ ـ مسألة الرّجعة
النقطة الاخرى التي لا بدّ من الالتفات إليها هنا هي مسألة إمكان الرّجعة التي تستفاد من الآية بوضوح.
وتوضيح ذلك : أنّ التاريخ يحدّثنا عن بعض الأقوام من السالفين ماتوا ثمّ أعيدوا إلى هذه الدنيا ، كما في حادثة طائفة من بني إسرائيل الّذين توجّهوا مع النبي موسى عليهالسلام إلى جبل طور الواردة في آية ٥٥ و ٥٦ من سورة البقرة وقصّة «عزير» أو إرميا الواردة في الآية ٢٥٩ من هذه السورة ، وكذلك الحادثة المذكورة في هذه الآية مورد البحث.
فلا مانع أن تتكرّر هذه الحادثة مرّة اخرى في المستقبل.
العالم الشيعي المعروف بـ «الصدوق» رحمهالله استدلّ بهذه الآية على القول بالرّجعة وقال : (إنّ من معتقداتنا الرّجعة) أي رجوع طائفة من الناس الّذين ماتوا في الأزمنة الغابرة إلى هذه الدّنيا مرّة اخرى ، ويمكن كذلك أن تكون هذه الآية دليلا على المعاد وإحياء الموتى يوم القيامة.
* * *