الجنّة وام الدحداح معي والصبية معي. قالت : بارك الله لك فيما شريت وفيما اشتريت،فخرجوا منها واسلموا الحديقة إلى النبي فقال النبي : كم نخلة متدلّ عذوقها لأبي الدحداح في الجنة (١).
التّفسير
الجهاد بالنّفس والمال :
هذه الآيات تشرع في حديثها عن الجهاد وتعقّب بذكر قصّة في هذا الصدّد عن الأقوام السّالفة ، مع الالتفات إلى الأحداث التي مرّت على جماعة من بني إسرائيل الّذين تهرّبوا من الجهاد بحجّة الإصابة بمرض الطّاعون وأخيرا ماتوا بهذا المرض ، يتّضح الارتباط بين هذه الآيات والآيات السّابقة.
في البداية تقول الآية (وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) يسمع أحاديثكم ويعلم نياتكم ودوافعكم النفسية في الجهاد.
ثمّ يضيف القرآن في الآية التالية : (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً) أي ينفق من الأموال التي رزقه الله تعالى إيّاه في طريق الجهاد وحماية المستضعفين والمعوزين.
فعلى هذا يكون إقراض الله تعالى بمعنى (الإنفاق في سبيل الله) ، وكما ذكر بعض المفسّرين أنّها تعني المصارف التي ينفقها الإنسان في طريق الجهاد ، لأنّ تأمين احتياجات الجهاد في ذلك الوقت كان في عهدة المسلمين المجاهدين ، في حين أنّ البعض يرى بأنّ الآية تشمل كلّ أنواع الإنفاق (٢).
ولكنّ التفسير الثاني أقرب وأكثر انسجاما مع ظاهر الآية ، وخاصّة أنّه شامل للمعنى الأوّل أيضا ، وأساسا فإنّ الإنفاق في سبيل الله ومساعدة الفقراء والمساكين
__________________
(١) مجمع البيان : ج ١ و ٢ ص ٣٤٩.
(٢) راجع تفسير الكبير : ج ٦ ص ١٦٦.