عليكم ، والقيادة تحتاج إلى كفاءة جسمية وروحية وهي متوفّرة في طالوت ، وهو يفوقكم فيها. إلّا أنّهم لم يقبلوا بهذا القول ، وطلبوا دليلا على أنّ هذا الإختيار إنّما كان من الله سبحانه.
فقال اشموئيل : الدليل هو أنّ التابوت ـ صندوق العهد ـ الذي هو أثر مهمّ من آثار أنبياء بني إسرائيل ، وكان مدعاة لثقتكم وطمئنانكم في الحروب ، سيعود إليكم يحمله جمع من الملائكة. ولم يمض وقت طويل حتّى ظهر الصندوق ، وعلى أثر رؤيته وافق بنو إسرائيل على قيادة طالوت لهم.
طالوت في الحكم
تسلّم طالوت قيادة الجيش ، وخلال فتره قصيرة أثبت لياقته وجدارته للاضطلاع بمهامّ إدارة الملك وقيادة الجيش ، ثمّ طلب من بني إسرائيل أن يعدّوا العدّة لمحاربة عدوّ كان يهدّدهم من كلّ جانب. قال لهم مؤكّدا إنّه لا يريد أن يسير معه للقتال إلّا الّذين ينحصر كلّ تفكيرهم في الجهاد ، أمّا الّذين لهم عمارة لم تتم ، أو معاملة لم تكمل ، وأمثالهم ، فليس لهم الاشتراك في الجهاد. وسرعان ما اجتمع حوله جمع تظهر عليه الكثرة والقوّة ، وتحرّكوا صوب العدو.
وفي المسيرة الطويلة وتحت أشعة الشمس المحرقة أصابهم العطش. فأراد طالوت ـ بأمر من الله ـ أن يختبرهم ويصفيهم ، فقال لهم : سوف نصل قريبا إلى نهر في مسيرتنا ، وأنّ الله يريد أن يمتحنكم به ، فمن شرب منكم منه وارتوى فليس منّي ، ومن لا يشرب إلّا قليلا منه فهو منّي. ولكنّهم ما أن وقعت أنظارهم على النهر حتّى فرحوا وهرعوا إليه وشربوا منه حتّى ارتووا ، إلّا نفر قليل منهم ظلّوا على العهد.
أدرك طالوت أنّ أكثرية جيشه يتألّف من أناس ضعفاء الإرادة وعديمي العهد ، ما خلا بعض الأفراد المؤمنين ، لذلك فقد تخلّى عن تلك الأكثرية واتّجه مع