غير أنّ القرآن الكريم يشير إلى الجواب القاطع على هذا الاعتراض إذ يقول :(إِنَّ اللهَ اصْطَفاهُ عَلَيْكُمْ وَزادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ).
فأفهمهم بذلك أنّ اختيار الله طالوت ملكا وقائدا لما يتمتّع به من علم وحكمة وعقل، ومن الناحية البدنيّة فهو قوي ومقتدر.
وهذا يعني أوّلا ، أنّ هذا الإختيار هو إختيار الله تعالى.
وثانيا : إنّكم على خطأ كبير في تشخيص شرائط القيادة ، لأنّ النسب الرّفيع والثروة الكبيرة ليستا امتيازين للقائد إطلاقا ، لأنّهما من الامتيازات الاعتبارية الخارجيّة ، أمّا العلم والمعرفة وكذلك القوّة الجسميّة فهما امتيازان واقعيّان ذاتيان حيث يلعبان دورا مهمّا في شخصيّة القائد.
إنّ قائد العالم يعرف طريق سعادة المجتمع ويرسم الخطط للوصول إليه بعلمه وحنكته ، وكذلك يرسم الأسلوب الصحيح في مواجهة الأعداء ، ثمّ يقوم بقوّته الجسمانيّة بتمثيل هذا المخطّط على أرض الواقع.
كلمة (بسطة) إشارة إلى اتساع وجود الإنسان في أنوار العلم والقوّة ، أي أنّ الإنسان بالعلم والحكمة والقوّة الجسميّة الكافية يزداد سعة في وجوده ، وهنا نلحظ أنّ البسطة في العلم تقدّمت على القوّة الجسميّة ، لأنّ الشرط الأوّل هو العلم والمعرفة.
ويستفاد ضمنا من هذا التعبير أنّ مقام الإمامة والقيادة من الأحكام الإلهيّة وأنّ الله تعالى هو الذي يشخّص اللّائق لها ، فلو رأى اللّياقة الكافية في أولاد الرّسولصلىاللهعليهوآلهوسلم لجعل الإمامة عندهم ، ولو توفّرت عند أشخاص آخرين لجعلها فيهم ، وهذا هو ما يعتقد به علماء الشيعة ويدافعون عنه.
ثمّ تضيف الآية (وَاللهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ).
هذه الجملة يمكن أن تكون إشارة إلى شرط ثالث للقائد ، وهو توفير الله