وجعل الحرب والنزاع ناموسا طبيعيا لتطوّر المجتمعات الإنسانية وتقدّمها ، أمّا الأشخاص الّذين وقعوا دون وعي تحت تأثير أفكار هؤلاء اللّاإنسانيّة وراحوا يطبّقون هذه الآية عليها فهم بعيدون عن تعاليم القرآن ، لأنّ القرآن يقول بكلّ صراحة : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً) (١).
ومن العجب أنّ بعض المفسّرين المسلمين مثل صاحب المنار وكذلك (المرائي) في تفسيره وقعوا تحت تأثير هذه الفرضيّة إلى الحدّ الذي اعتبروها أحد السنن الإلهيّة ، ففسّروا بها الآية محلّ البحث وتصوّروا أنّ هذه الفرضيّة من إبداعات القرآن لا من ابتكارات واكتشافات دارون ، ولكن كما قلنا أنّ الآية المذكورة ليست ناظرة إلى هذه الفرضيّة ، ولا أنّ هذه الفرضيّة لها أساس علمي متين ، بل أنّ الأصل الحاكم على الروابط بين البشر هو التعاون على البقاء لا تنازع البقاء.
وآخر آية في هذا البحث تقول : (تِلْكَ آياتُ اللهِ نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ).
تشير هذه الآية إلى القصص الكثيرة التي وردت في القرآن بشأن بني إسرائيل وأنّ كلّا منها دليلا على قدرة الله وعظمته ومنزّهة عن كلّ خرافة وأسطورة (بالحقّ) حيث نزلت على نبيّ الإسلام صلىاللهعليهوآلهوسلم وكانت إحدى دلائل صدق نبوّته وأقواله.
* * *
__________________
(١) البقرة : ٢٠٨.