وذهب البعض إلى أنّ المعنى هو ترك الحرب والقتال في المسجد الحرام أو أطرافه.
ولكنّ الجمع بين هذين المعنيين ممكن أيضا.
الآية التالية تشير إلى هدف الجهاد في الإسلام وتقول : (وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ).
ثمّ تضيف : فإن ترك هؤلاء المشركون عقائدهم الباطلة وأعمالهم الفاسدة فلا تتعرّضوا لهم (فَإِنِ انْتَهَوْا فَلا عُدْوانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ).
وحسب الظاهر ذكر في هذه الآية ثلاثة أهداف للجهاد وهي :
١ ـ إزالة الفتنة.
٢ ـ محو الشرك وعبادة الأوثان.
٣ ـ التصدّي للظلم والعدوان.
ويحتمل أن يكون المراد من الفتنة هو الشرك أيضا وعلى هذا يكون الهدف الأوّل والثاني واحدا ، وهناك أيضا احتمال آخر وهو أنّ المراد من الظلم هنا هو الشرك أيضا كما ورد في الآية (١٦) من سورة لقمان (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ).
وعلى هذا الأساس فإنّ هذه الأهداف الثلاثة تعود إلى هدف واحد وهو التصدي للشرك وعبادة الأوثان والّذي يمثّل المصدر الأساس لكلّ أنواع الفتن والمظالم والعدوان.
وذهب البعض إلى أنّ الظلم في هذه الآية بمعنى الابتداء بالحرب أو القتال في الحرم الإلهي الآمن ، ولكنّ الاحتمال الأوّل وهو أنّ المراد من الآية هو الأهداف الثلاثة المتقدّمة أقوى ، فصحيح أنّ الشرك هو أحد مصاديق الفتنة ، ولكنّ الفتنة لها مفهوم أوسع من الشرك ، وصحيح أيضا أنّ الشرك أحد مصاديق الظلم ، ولكنّ الظلم له مفهوم أوسع أيضا ، فعند ما نرى تفسيره بالشرك أحيانا فهو لبيان المصداق.