استيلاء النوم على الإنسان تصويرا مجسّدا ، وكأنّ النوم كائن قويّ ذو مخالب تمسك بالإنسان بقوّة وتأسره ، إنّ ضعف أقوى الناس أمام سلطان النوم أمر لا اختلاف فيه.
مالكية الله المطلقة
(لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ).
لا يكون هناك قيام بشؤون العالم بغير ملكية السماوات والأرض وما فيها ، لذلك فهذه الآية ـ بعد ذكر قيّومية الله ـ تشير إلى حقيقة كون العالم كلّه ملك خاصّ لله ، وأنّ كلّ تصرّف يحدث فيه فبأمر منه.
وعليه ، فإنّ الإنسان ليس المالك الحقيقي لما عنده ولما يقع تحت تصرّفه ، بل أنّه يتصرّف فيه لمدّة محدودة ووفق شروط معيّنة قرّرها المالك الحقيقي ، لذلك فعلى هؤلاء المالكين المؤقّتين أن يلتزموا تمام الالتزام بالشروط التي وصفها المالك الحقيقي ، وإلّا فإنّ مالكيّتهم المؤقّتة هذه تصبح باطلة وتصرّفهم غير جائز.
الشروط المطلوبة للتصرّف بملك الله هي التي وردت في الشرع وأبغت للناس.
من الواضح أنّ التقيّد بهذا يعتبر في الواقع عاملا مهمّا من عوامل التربية ، إذا اعتقد الإنسان أنّه ليس المالك الحقيقي لما يملك وإنما هو يتصرّف به لفترة قصيرة من الزمن،فسيمتنع ـ دون شكّ ـ عن الاعتداء على حقوق الآخرين وعن الحرص والطمع والاحتكار والبخل وأمثالها ممّا يتولّد في الإنسان نتيجة التصاقه بالدنيا ، فيكون ذلك مدعاة لتربيته تربية تجعله قانعا بحقوقه المشروعة (١).
(مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ) وهذا في الواقع ردّ على ادّعاء المشركين
__________________
(١) شرحنا معنى الأحلام في سورة يوسف شرحا وافيا.