بعبارة موجزة أنّ عرش حكومة الله وقدرته يهيمن على السماوات والأرض جميعا ، وأنّ كرسيّ علمه يحيط بكلّ هذه العوالم ، وما من شيء يخرج عن نطاق حكمه ونفوذ علمه.
قوله : (وَلا يَؤُدُهُ حِفْظُهُما). «يؤوده» من «أود» ـ على وزن قول ـ بمعنى الثقل والمشقة ، أي أنّ حفظ السماوات والأرض ليس فيه أيّ ثقل أو مشقّة على الله ، فهو ليس مثل مخلوقاته التي يتعبها الحفاظ على الأشياء ويوهنها ، ذلك لأنّ المخلوقات ضعيفة محدودة القدرة ، وقدرته غير محدودة ، ومن لا حدود لقدرته لا يكون للثقل والخفّة والصعب والسهل مفهوم عنده. فهذه مفاهيم تصدق عند من تكون قدراتهم محدودة.
ممّا تقدّم يتّضح أنّ الضمير في «يؤوده» يعود على الله ، ويؤكّد هذا ما سبق من آيات والآية التالية ، فضمائرها كلّها تعود على الله ، وعليه فإنّ احتمال عود هذا الضمير إلى «الكرسي» ـ باعتبار أنّ حفظ السماوات والأرض ليس ثقيلا على الكرسي ـ ضعيف جدا.
قوله : (وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ). توكيد لما سبق. أي أنّ الله الذي هو أرفع وأعلى من كلّ شبيه وشريك ، ومنزّه عن كلّ نقص وعيب ، وهو العظيم اللامحدود ، لا يصعب عليه أي عمل ولا يتعبه حفظ عالم الوجود وتدبيره ، ولا يغفل عنه أبدا ، وعلمه محيط بكلّ شيء.
الثّاني : هل أنّ آية الكرسيّ هي هذه الآية فحسب؟
وقد يرد سؤال وهو : هل أنّ آيه الكرسيّ هي التي تبدأ من قوله (اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) وتنتهي بقوله (وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ) أو أنّ الآيتين التاليتين لهذه الآية جزء من آية الكرسيّ،فعلى هذا لو ورد الأمر بقراءة آية الكرسيّ في صلاة (ليلة الدفن) مثلا