تطلق أيضا على الصديق والرفيق الحميم ، إلّا أنّه من الواضح أنّ الآية مورد البحث تعني في هذه الكلمة المعنى الأوّل ، ولذلك تقول (اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا) ....
ويمكن أن يقال أنّ هداية المؤمنين من الظلمات إلى النور هو تحصيل للحاصل، ولكن مع الالتفات إلى مراتب الهداية والإيمان يتّضح أنّ المؤمنين في مسيرهم نحو الكمال المطلق بحاجة شديدة إلى الهداية الإلهيّة في كلّ مرحلة وفي كلّ قدم وكلّ عمل ، وذلك مثل قولنا في الصلاة كلّ يوم : (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ).
ثمّ تضيف الآية إنّ أولياء الكفّار هم الطاغوت (الأوثان والشيطان والحاكم الجائر وأمثال ذلك) فهؤلاء يسوقونهم من النور إلى الظلمات (وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُماتِ) ولهذا السبب (أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ).
* * *
ملاحظات
١ ـ إنّ تشبيه الإيمان والكفر بالنور والظلمة تشبيه بليغ رائع ، فالنور هو منبع الحياة ومصدر البركات والرشد والنمّو التكامل والتحرّك ومنطلق الاطمئنان والعرفة والهداية ، بينما الظلام رمز السكون والموت والنوم والجهل والضلال والخوف ، وهكذا الإيمان والكفر.
٢ ـ النقطة الثانية هي أنّ «الظلام» في هذه الآية وفي آيات اخرى جاء بصيغة الجمع (ظلمات) ، والنور جاء بصيغة المفرد ، وهذا يشير إلى أنّ مسيرة الحقّ ليس فيها تفرّق وتشتّت ، بل هي مسيرة واحدة فهي كالخط المستقيم بين نقطتين حيث إنّه واحد دائما غير متعدّد ، أمّا الباطل والكفر فهما مصدر جميع أنواع الاختلاف والتشتّت ، حتّى أنّ أهل الباطل غير منسجمين في باطلهم ، وليس لهم هدف واحد