في هذه الآية الحديث عن جواز الإنفاق على غير المسلمين ، بمعنى أنّه لا ينبغي ترك الإنفاق على المساكين والمحتاجين من غير المسلمين حتّى تشتدّ بهم الأزمة والحاجة فيعتنقوا الإسلام بسبب ذلك.
تقول الآية (لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ) فلا يصحّ أن تجبرهم على الإيمان ، وترك الإنفاق عليهم نوع من الإجبار على دخولهم إلى الإسلام ، وهذا الأسلوب مرفوض ، ورغم أنّ المخاطب في هذه الآية الشريفة هو النبي الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم إلّا أنّه في الواقع يستوعب كلّ المسلمين.
ثمّ تضيف الآية (وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ) ومن تكون له اللياقة للهداية.
فبعد هذا التذكّر تستمر الآية في بحث فوائد الإنفاق في سبيل الله فتقول :(وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَما تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ اللهِ).
هذا في صورة ما إذا قلنا أنّ جملة (وَما تُنْفِقُونَ) قد أخذت هنا بمعنى النهي ، فيكون معناها أنّ إنفاقكم لا ينفعكم شيئا إلّا إذا كان في سبيل الله تعالى.
ويحتمل أيضا أن تكون هذه الجملة خبريّة ، أي أنكم أيّها المسلمون لا تنفقون شيئا إلّا في سبيل الله تعالى وكسب رضاه.
وفي آخر عبارة من هذه الآية الكريمة نلاحظ تأكيدا أكثر على مقدار الإنفاق وكيفيّته حيث تقول الآية (وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ).
يعني أنّكم لا ينبغي أن تتصوروا أنّ إنفاقكم سيعود عليكم بربح قليل ، بل أنّ جميع ما أنفقتم وتنفقون سيعود إليكم كاملا ، وذلك في اليوم الذي تحتاجون إليه بشدّة ، فعلى هذا لا تتردّدوا في الإنفاق أبدا.
ويستفاد من ظاهر هذه الجملة أنّ نفس المال المنفق سيعود على صاحبه (لاثوابه) فيمكن أن تكون الآية دليلا على تجسّم الأعمال الذي سيأتي بحثه