٣ ـ أثر الإنفاق في حياة المنفق :
نلاحظ في جملة (وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ) أنّ فوائد الإنفاق تعود على المنفقين أنفسهم ، وبهذا تدفعهم نحو هذا العمل الإنساني ، وطبيعي أنّ الإنسان يزداد حماسا لممارسة علمه حين يعلم أنّ منافع هذا العمل تعود إليه.
قد يبدو للوهلة الأولى أنّ المنافع التي تعود على المنفق من إنفاقه هي ما يناله من ثواب في الآخرة ، هذا بالطبع صحيح ، ولكن لا ينبغي أن يتصوّر أنّ نتائج الإنفاق أخروية فحسب ، بل أنّ له منافع في هذه الدنيا أيضا مادّية ومعنوية.
ففائدته المعنوية هي أنّ روح البذل والإنسانية والتضحية والأخوّة تتربّى في المنفق. وهذه في الواقع وسيلة مؤثّرة في تكامل شخصية الإنسان وتربيته.
أمّا فائدته المادّية فإنّ وجود أناس معدمين فقراء في مجتمع ما يكون سببا في أزمات اجتماعية خطرة قد تبتلع مبدأ الملكية نفسه في ثورتها ، فلا تبقي ولا تذر.
الإنفاق يقلّل من الفواصل الطبقيّة ويزل هذا الخطر الذي يهدّد الأفراد الأثرياء في المجتمع ، فالإنفاق يطفئ ليهب غضب الطبقات المحرومة ويقضي على روح الانتقام في نفوسهم.
من هنا فالإنفاق لصالح المنفقين من حيث الأهميّة الاجتماعية والسلامة الاقتصادية والجوانب المختلفة الماديّة والمعنوية.
٤ ـ ما معنى (وَجْهِ اللهِ)؟
«وجه» بالإضافة إلى معناها المعروف قد تستعمل بمعنى ذات ، وعندئذ (وَجْهِ اللهِ) تعني ذات الله التي يجب أن يتوجّه إليها المنفقون في إنفاقهم ، وعليه فإنّ ورود كلمة «وجه» في هذه الآية وفي غيرها إنّما يقصد به التوكيد ، فمن