صرّح بعض المفسّرين : «لقد كان هذا الوصف الموحي ينطبق على جماعة من المهاجرين ، تركوا وراءهم أموالهم وأهليهم ؛ وأقاموا في المدينة ووقفوا أنفسهم على الجهاد في سبيل الله ، وحراسة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كأهل الصفة الذين كانوا بالمسجد حرسا لبيوت الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم لا يخلص إليها من دونهم عدو ...» (١)
التّفسير
خير مواضع الإنفاق :
يبيّن الله في هذه الآية أفضل مواضع الإنفاق ، وهي التي تتّصف بالصفات التالية :
١ ـ (لِلْفُقَراءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ) أي الذين شغلتهم الأعمال الهامّة كالجهاد ومحاربة العدو ، وتعليم فنون الحرب ، وتحصيل العلوم الأخرى ، عن العمل في سبيل الحصول على لقمة العيش كأصحاب الصفّة الذين كانوا خير مصداق لهذا الوصف (٢).
ثمّ للتأكيد تضيف الآية : (لا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الْأَرْضِ) أي الذين لا يقدرون على الترحال لكسب العيش بالسفر إلى القرى والمدن الاخرى حيث تتوفر نعم الله تعالى. وعليه فإنّ القادرين على كسب معيشتهم يجب أن يتحمّلوا عناء السفر في سبيل ذلك وأن لا يستفيدوا من ثمار أتعاب الآخرين إلّا إذا كانوا منشغلين بعمل أهمّ من كسب العيش كالجهاد في سبيل الله.
٢ ـ الذين (يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ أَغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ) هؤلاء الذين لا يعرف الآخرون شيئا عن بواطن أمورهم ، ولكنهم ـ لما فيهم من عفّة النفس والكرامة ـ
__________________
(١) في ظلال القرآن : ذيل الآية المبحوثة.
(٢) «حصر» بمعنى الحبس والمنع والتضييق وجاءت هنا بمعنى جميع الأمور التي تمنع الإنسان من تأمين معاشه.