(رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا).
لمّا كان المؤمنون يعرفون أنّ مصيرهم يتحدّد بما كسبت أيديهم من أعمال صالحة أو سيئة بموجب قانون «لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت» لذلك يتضرّعون ويخاطبون الله بلفظ «الرب» الذي يوحي بمعاني اللطف في النشأة والتربية قائلين : إذا كنّا قد أذنبنا بسبب النسيان أو الخطأ ، فاغفر لنا ذنوبنا برحمتك الواسعة وجنّبنا العقاب.
العقاب على النسيان والخطأ :
لماذا الدعاء لأن يغفر الله الذنوب المرتكبة نسيانا أو خطأ؟
فهل الله يعاقب على مثل هذه الذنوب؟
في الجواب لا بدّ من القول بأنّ النسيان يكون أحيانا من باب التماهل والتساهل من جانب الإنسان نفسه. بديهيّ أنّ هذا النوع من النسيان لا يضع المسؤولية عن الإنسان، كما جاء في القرآن.
(فَذُوقُوا بِما نَسِيتُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا) (١) وعليه فإنّ النسيان الناشئ عن التساهل يوجب العقاب.
ثمّ لا بدّ من ملاحظة أنّ هناك فرقا بين النسيان والخطأ. فالخطأ يقال عادة في الأمور التي تقع لغفلة من الإنسان وعدم انتباه منه ، كأن يطلق رصاصة ليصيد صيدا فتصيب رصاصته إنسانا فتجرحه. أمّا النسيان فهو أن يتّجه الإنسان للقيام بعمل ما ولكنّه ينسى كيف يقوم بذلك ، كأن يعاقب المرء إنسانا برئيا ظنّا منه أنّه المذنب ، لنسيانه مميّزات المذنب الحقيقي.
__________________
(١) السجدة : ١٤.