ويمكن أن يكون الارتباط أكثر من ذلك وهو أن نقول : إنّ هذه الآية بالرّغم من أنّها وردت في ذيل آيات الجهاد ، ولكنّها تبيّن حقيقة كليّة واجتماعيّة ، وهي أنّ الإنفاق بشكل عام سبب لنزاهة المجتمع من المفاسد المدمّرة ، لأنه حينما يترك أفراد المجتمع الإنفاق وتتراكم الثروة في أحد أقطاب المجتمع تنشأ طبقة محرومة بائسة ، ولا يلبث أن يحدث انفجار عظيم فيه يحرق الأثرياء وثروتهم ويتّضح من ذلك ارتباط الإنفاق بابعاد التهلكة.
ومن هنا فالإنفاق يعود بالخير على الأثرياء قبل أن يصيب خيره المحرومين ، لأنّ تعديل الثروة يصون الثروة كما قال الإمام علي عليهالسلام (حصّنوا أموالكم بالزّكاة) (١).
وبتعبير بعض المفسّرين أنّ الامتناع من الإنفاق في سبيل الله يؤدّي إلى موت الرّوح الإنسانيّة في الفرد بسبب البخل ، وكذلك يؤدّي إلى موت المجتمع بسبب الضعف الاقتصادي وخاصّة في النظام الإسلامي المبتني على أساس الإحسان والخير (٢).
٢ ـ سوء الاستفادة من مضمون الآية
تقدّم أنّ بعض أهل الدنيا من طلّاب العافية تمسّكوا في هذه الجملة من هذه الآية (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) للفرار من الجهاد في سبيل الله حتّى أنّهم وسموا ثورة الإمام الحسين عليهالسلام في عاشوراء الّتي كانت سبب نجاة الإسلام وبقائه إمام الأعداء كبني أميّة أنّها مصداق لهذه الآية ، وغفلوا عن أنه لو كان الأمر كما يقولون لانسدّ باب الجهاد تماما.
__________________
(١) نهج البلاغة ، الحكمة ١٤٦.
(٢) تفسير في ظلال القرآن ، ج ١ ، ص ٢٧٦.