الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ) فيفسّرون هذه الآيات المتشابه وفقا لأهوائهم كيما يضلّوا الناس ويسبّهوا عليهم (فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ) (١) (فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ).
ثمّ تضيف الآية : أنّ هؤلاء أي الراسخون في العلم بسبب دركهم الصحيح لمعنى المحكمات والمتشابهات (يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا) أجل (وَما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ).
* * *
بحوث
في هذه الآية مباحث مهمّة ينبغي بحثها بشكل مستقل كلّ على حدة :
١ ـ ما المقصود بالآيات المحكمة والمتشابهة؟
«المحكم» من «الإحكام» وهو المنع. ولهذا يقال للمواضيع الثابتة القويّة «محكمة» أي أنّها تمنع عن نفسها عوامل الزوال. كما أنّ كلّ قول واضح وصريح لا يعتوره أيّ احتمال للخلاف يقال له «قول محكم».
وعليه فإنّ الآيات المحكمات هي الآيات ذات المفاهيم الواضحة التي لا مجال للجدل والخلاف بشأنها ، كآية : (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) (٢) و (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) (٣) و (اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ) (٤) و (لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) (٥) وآلاف أخرى
__________________
(١) «زيغ» في الأصل. بمعنى الانحراف عن الخط المستقيم والتمايل إلى جهة ، والزيغ في القلب بمعنى الانحراف العقائدي عن صراط المستقيم.
(٢) سورة الإخلاص : ١.
(٣) الشورى : ١١.
(٤) الزمر : ٢٦.
(٥) النساء : ١١.