موازيننا يزن بها الأعمال. هذه كنايات عن مفاهيم كلّية لقدرة الله وعلمه وميزانه.
ولا بدّ من الإشارة إلى أنّ كلمتي «المحكم والمتشابه» قد وردتا في القرآن بمعنى آخر. ففي أوّل سورة هود نقرأ : (كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ) فهنا أشير إلى أنّ جميع آيات القرآن محكمات ، والقصد هو قوّة الترابط والتماسك بينها. وفي الآية ٢٣ من سورة الزمر نقرأ:(كِتاباً مُتَشابِهاً) أي الكتاب الذي كلّ آياته متشابهات ، وهي هنا بمعنى التماثل من حيث صحّتها وحقيقتها.
يتّضح ممّا قلنا بشأن المحكم والمتشابه أنّ الإنسان الواقعيّ الباحث عن الحقيقة لا بدّ له لفهم كلام الله أن يضع الآيات جنبا إلى جنب ثمّ يستخرج منها الحقيقة. فإذا لاحظ في ظاهر بعض الآيات إبهاما وتعقيدا ، فعليه أن يرجع إلى آيات أخر لرفع ذلك الإبهام والتعقيد ليصل إلى كنهها.
تعتبر الآيات المحكمات في الواقع أشبه بالشارع الرئيسي ، والمتشابهات أشبه بالشوارع الفرعية ، لا شكّ أنّ المرء إذا تاه في شارع فرعي سعى للوصول إلى الشارع الرئيسي ليتبيّن طريقه الصحيح فيسلكه.
إنّ التعبير عن المحكمات بأم الكتاب يؤيّد هذه الحقيقة أيضا ، إذ أنّ لفظة «أم» في اللغة تعني الأصل والأساس ، وإطلاق الكلمة على «الأم» أي الوالدة لأنّها أصل الأسرة والعائلة والملجأ الذي يفزع إليه أبناؤها لحلّ مشاكلهم. وعلى هذا فالمحكمات هي الأساس والجذر والأم بالنسبة للآيات الأخرى.
٢ ـ لماذا تشابهت بعض آيات القرآن؟
إنّ القرآن جاء نورا لهداية عموم الناس ، فما سبب احتوائه على آيات متشابهات فيها إبهام وتعقيد بحيث يستغلّها المفسدون لاثارة الفتنة؟ هذا موضوع