ثالثا : من أسرار وجود المتشابهات في القرآن إثارة الحركة في الأفكار والعقول وإيجاد نهضة فكرية بين الناس. وهذا أشبه بالمسائل الفكرية المعقّدة التي يعالجها العلماء لتقوية أفكارهم ولتعميق دقّتهم في المسائل.
رابعا : النقطة الأخرى التي ترد بشأن وجود المتشابهات في القرآن ، وتؤيّدها أخبار أهل البيت عليهمالسلام ، هي أنّ وجود هذه الآيات في القرآن يصعّد حاجة الناس إلى القادة الإلهيّين والنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم والأوصياء ، فتكون سببا يدعو الناس إلى البحث عن هؤلاء واعتراف بقيادتهم عمليا والاستفادة من علومهم الاخرى أيضا. وهذا أشبه ببعض الكتب المدرسية التي أنيط فيها شرح بعض المواضيع إلى المدرّس نفسه ، لكي لا تنقطع علاقة التلاميذ بأستاذهم ، ولكي يستمرّوا ـ بسبب حاجتهم هذه ـ في التزوّد منه على مختلف الأصعدة.
وهذا أيضا مصداق وصيّة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حين قال : «إنّي تارك فيكم الثقلين كتاب الله وأهل بيتي وأنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض»(١).
٣ ـ ما التأويل؟
الكلام كثير بشأن معنى «التأويل» ، والأقرب إلى الحقيقة هو أنّ «التأويل» من «الأول» أي الرجوع إلى الأصل ، وهو إيصال العمل أو الكلام إلى الهدف النهائي المراد منه. فإذا أقدم أحد على عمل ولم يكن هدفه من هذا العلم واضحا ، ثمّ يتوضّح ذلك في النهاية ، فهذا هو التأويل ، كالذي نقرأه في حكاية موسى عليهالسلام مع الحكيم الذي كان يقوم بأعمال غامضة الأهداف «مثل تحطيم السفينة» فكان هذا مدعاة لانزعاج موسى ، ولكن عند ما شرح له الحكيم في نهاية المطاف وعند
__________________
(١) مستدرك الحاكم : ج ٣ ص ١٤٨.